البنية الفنية في روايـات الكاتبة اليمنية عزيزة عبد الله
سماح عبد الله أحمد الفرَّان القـاهرة ماجستير 2009
" ظلت الرواية اليمنية منذ نشأتها حتى التسعينيات ذات طابع تقليدي. في حين أن التقليدية في حد ذاتها ليست نقصاً ، وإنما اتجاه له ميزات وسمات فنية خاصة .
إن أبرز ما يحدد التقليدية في الرواية اليمنية هو التركيز بالدرجة الأولى على القضايا الاجتماعية والسياسية والتاريخية.. ، أي أنها روايات مضمون أكثر مما هي روايات بناء ، حتى ظهرت بعض المحاولات الروائية لبعض الكتاب الشباب لتبدأ مرحلة جديدة وهامة من مراحل التجديد في الخطاب الروائي في اليمن .
لم يكن الصوت النسوي في الكتابة السردية اليمنية حاضراً بقوة ، إذا ما قارنا ذلك بالكتابات الذكورية ، يرجع الأمر في ذلك إلى القيود التي يفرضها المجتمع على المرأة اليمنية ، و من ثم ضآلة حضورها في الساحة الأدبية . وعلى الرغم من الحضور القليل للسرد النسوي في الرواية اليمنية ، فإن ذلك القليل لم يحظ ـ أيضاً ـ بكثير من الاهتمام من قِبل القائمين على النقد ، من تلك الأعمال روايات الكاتبة عزيزة عبد الله.
إن النظر في أعمال الكاتبة عزيزة عبد الله ـ كنموذج للرواية اليمنية عامة ، والنسوية خاصة ـ يجعلنا ندرك الطابع التقليدي لتلك الأعمال ، وذلك من خلال التعاطي المباشر والتقليدي مع الشخصيات الروائية ، وصياغة أحداثها وفق تلك التقليدية . كما أن الفضاء المكاني الذي تتحرك فيه الشخصية الروائية يكاد يكون محسوساً من خلال وصف أبعاده ، وتفتيت جزئياته . وعلى الرغم من ذلك التعاطي المباشر والحسي فإن هناك ما يشير إلى تقنيات حديثة ركنت إليها الكاتبة في صياغة الزمن الروائي ، من تعرجات ، وسوابق ولواحق على خلاف الطابع التقليدي الذي يتميز بالترتيب الزمني . بالإضافة إلى أن هناك ما يشير إلى التعاطي النفسي وغير المباشر في طرح الشخصية ومعالجتها، من خلال تقنية الحوارات الذاتية (المونولوج الداخلي ) التي تتميز بها روايات تيار الوعي الحديثة ، كما في روايتي ""أحلام ... نبيلة"" و ""طيف ولاية"" كما تتضح الرمزية والتمويه في رواية "" تهمة وفاء "" لارتباطها بالجانب السياسي ، وتأثيره في الجانب الاجتماعي والثقافي .
أهمية الدراسة :
تأتي هذه الدراسة للكشف عن الأبعاد الفنية في روايات الكاتبة عزيزة عبد الله ، وطرق تشكُّل تلك الأبعاد وفق النظرة البنيوية. بالإضافة إلى الكشف عن جانب مهم من جوانب المسيرة الروائية في اليمن وهو الإطار التقليدي من جانب ، وتشكل الكتابة النسوية اليمنية من جانب آخر ، ومدى تأثر تلك الكتابات بالظروف الاجتماعية المعيشة من الناحية الكيفية .
الدراسات السابقة :
لم يتبادر إلى علم الباحثة وجود دراسة تناولت أعمال الكاتبة عزيزة عبد الله تناولاً مستقلاً ، وإنما دراسات تناولت ـ إلى جانب أعمال أخرىـ عملاً واحداً ، كدراسة رشا العلي ""الأبعاد الثقافية للسرديات النسوية المعاصرة في الوطن العربي (1990ـ 2005م)"". والتي تناولت فيها سبع روايات ، من ضمنها رواية ""عرس الوالد"" كنموذج للكشف عن تلك الأبعاد الثقافية في السرد النسوي .
كذلك دراسة حفيظة صالح الشيخ "" التجربة الروائية اليمنية ، قضاياها الموضوعية وبناها السردية "" والتي تناولت فيها سبع عشرة رواية ، من ضمنها ثلاث روايات للكاتبة عزيزة عبد الله ، هي : "" طيف ولاية "" ، أركنها الفقيه "" ، "" أحلام ... نبيلة "" .
منهج الدراسة :
تعتمد الدراسة في تحليل البنية الفنية على المنهج البنيوي الذي يقوم على "" مجموعة من النظريات التي تؤثر في العلوم الاجتماعية والإنسانية ، دراسة البنيات وتحليلها "".( ) حسب الناقد الفرنسي جيرار جينيت ، بالإضافة إلى آخرين أمثال : جون بويون ، و تودوروف ، وغيرهم . فيما عدا ما يخص الشخصيات الروائية وتحليل صفاتها وسيكولوجيتها ، التي بدورها تخلق الحدث ، بعيداً عن إهمال الإنسان الذي تدعو إليه البنيوية ، سواء كان معالِجاً ( الكاتب ) ، أو معالَجاً (الشخصية ) . ويتم تحليل عناصر البنية الفنية من خلال طرح المنظور البنيوي ، ثم نماذج نصية من روايات الكاتبة ، يليها تحليل للنماذج ، والوصول إلى تصور نقدي يوضح أهم ملامح تلك البنى .
خطة الدراسة :
تنتظم الدراسة في مقدمة ، وتمهيد ، وثلاثة فصول ، و خاتمة . وذلك على النحو الآتي :
1 ـ المقدمة :
وتتضمن مادة البحث ، أهميته ، الدراسات السابقة ، منهج الدراسة ، ثم الخطة التي تقوم عليها الدراسة .
2 ـ التمهيد :
يأخذ التمهيد جانبين .
الأول : تمهيد تاريخي عن الرواية اليمنية ، ومراحل تشكُّل الخطاب الروائي في اليمن . ثم تعريف بالكاتبة وأعمالها ومسيرتها الروائية .
الثاني : تمهيد نقدي ، يتضمن المكونات النصية في الأعمال الروائية ، والتي تنقسم إلى قسمين : مكونات خارجية تتمثل في (العنوان ومكوناته، الغلاف وتشكيله وتحليله ) . ومكونات داخلية تتمثل في (الراوي وأنماطه ، عملية القراءة وأنواعها ). ويمثل هذا التمهيد النقدي الجانب الأول من جانبي تشكل الخطاب الروائي عموماً ، وذلك للدخول إلى الجانب الثاني ، وهو جانب المكون الفني موضوع الدراسة .
3 ـ موضوع الدراسة :
أ ـ الفصل الأول : يتضمن مبحثين .
المبحث الأول : الشخصية . يتصدى الفصل لمفهوم للشخصية الروائية ، وأنواعها ، ووظائفها ، ووسائل رسمها .
المبحث الثاني : الحدث . ويضم تعريف الحدث ، وطرق عرضه ، ومضمونه .
ب ـ الفصل الثاني : يتضمن مبحثين .
المبحث الأول : الفضاء الزماني . ويضم أقسامه ، وهي :
1ـ الترتيب الزمني ، والذي يتحقق من خلال تقنيتيي (الاسترجاع والاستباق )
2 ــ التتابع الزمني وأنماطه :
ـ التوقف الزمني ، ويتحقق من خلال (المشهد ، الوقفة الوصفية ) .
ـ القفز الزمني ، ويتحقق من خلال تقنيتي ( التلخيص ، الحذف ) .
ـ التوافق الزمني .
3 ـ التواتر الزمني ، وأقسامه : ( المفرد ـ التكراري ـ النمطي ) .
كما يتضمن الفصل الثاني أقسام الزمن الروائي : ( الطبيعي ، النفسي )
المبحث الثاني : الفضاء المكاني ، ويضم أشكاله : ( الجغرافي ، النصي ، الدلالي ، كمنظور ) .
وأقسامه : ( طبيعي ، نفسي ) .
ج ـ الفصل الثالث : ويتضمن مبحثين .
الأول : أنماط الرؤية السردية : وفيه طُرحت أهم التقسيمات النقدية المختلفة للرؤية السردية ، حسب كلٍ من : الناقد الفرنسي جيرار جينيت، والذي قسمها إلى : ( بؤرة ثابتة ، بؤرة متغيرة )
والناقد الروسي أوسبنسكي ، الذي رأى أن الرؤية السردية تتحدد من خلال (المنظور الأيديولوجي. المنظور النفسي . المنظور التعبيري . المنظور الزمكاني . )
ثم السيميائي الفرنسي جون بويون ، الذي صنف الرؤية السردية إلى : ( الرؤية من الوراء ـ الرؤية مع ـ الرؤية من الخارج ) واعتماد تصنيف جون بويون في تحليل أعمال الكاتبة عزيزة عبد الله .
الثاني : اللغة السردية : وفيه سلطنا الضوء على لغة الرواية بشقيها :
ـ لغة السرد .
ـ لغة الحوار .
مع أبرز الظواهر اللغوية في روايات الكاتبة :
( التكرار اللفظي ، الأخطاء اللغوية ، الأخطاء النحوية ، التناص ، الاقتباس ) . بالإضافة إلى اللغة في رواية ""أحلام ... نبيلة"" التي تتميز بلغة خاصة نوعاً ما ، وذلك من خلال : الترادف ، والتضاد .
4 ـ الخاتمة :
وفيها أهم النتائج التي توصل إليها البحث مع بعض التوصيات .
وفي الختام . أشكر كل من ساعدني على إنجاز هذا العمل المتواضع ، أخص بالشكر أستاذي القدير الدكتور عبد الحميد شيحة ، الذي كان له الفضل الكبير ، والبصمة الواضحة في صفحات هذا العمل ، كما منحني من النصح والتوجيه ما يعلق في ذهني ـ بعون الله ـ إلى نهاية الزمن . كما أشكر الأستاذ الدكتور أحمد عبد الحميد إسماعيل ، والأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشناوي ، الذان تكرما بمناقشة هذا البحث المتواضع ، وأفدت من ملاحظاتهما كثيراً. كما أشكر الأستاذه عزيزة عبد الله صاحبة الأعمال ، وزوجي العزيز فارس الذي وفر لي الكثير من الوقت وخفف عني وطأة الالتزامات ، وأختم بأهلي في اليمن الحبيب ، بالأخص أبي وأمي الحبيبين حيث آزراني بالدعاء والرضا ما مضى من حياتي ، وأرجوهما فيما بقي منها ."
بيانات الكاتب
